استيقظ على جلبة فى الشارع، قالت أمه: جيران جدد، سوف يشغلون الشقة فى العمارة المقابلة.
فى صباح اليوم التالى فتح شباك حجرته فوجدها تقف فى الشرفة، خالها نجمة ضلت طريق ليلها فاستقطبها النهار. صار لا يترك غرفته إطلاقا، بعد أن كان لا يرونه فى البيت إلا قليلا.
اعتاد أن يغلق نور الغرفة ليلا ويكتفى بالنور الذى يملأ كونه والذى ينبعث من شباكها، بينما فى الصباح يوارب شباكه بحيث يسمح له برؤيتها تتحرك جيئة ورواح داخل شقتهم، وساعده على التخفى شجرة المانجو الوارفة بين بيتيهما.
عرف من أمه أنها طالبة فى كلية الألسن فى العام الأول، كما عرف أنها البنت الوحيدة على ثلاثة رجال، دلوعة العيلة، الحيلة، كما عرف أيضا أن اسمها حسناء.
عندما أثمرت شجرة المانجو، وذات صباح وهو يفتح شباكه تصادف أنها كانت تقف فى شرفتها، تنظر بفرح لشجرة المانجو، فتلاقت عيونهما ومد يده وقطف ثمرة مانجو كانت قريبة من شباكه، وعندما أراد أن يعطيها إياها، فوجىء بأنها قد دخلت وتركت النافذة.
فى اليوم التالى، سمعها تخبر والدتها بنزولها إلى الجامعة، فهرع ينزل السلم ليقابلها ويعطيها ثمرة المانجو التى قطفها لأجلها، وحين نزل وجدها تقف مع الدكتور على، جارهما المحترم جدا، مدرس فى كلية الألسن وصاحب شجرة المانجو، خمن من وقفتهما أنه ربما تفاجأ بها وربما هى طالبة عنده فى الكلية، قال لنفسه: حسناء لا تخطئها عين، ومن يراها مرة لا يستطيع نسيانها. عاد أدراجه حاملا ثمرة المانجو، وجلس أمام الشرفة ينتظر عودة حسناء.
بعد عدة أيام، استيقظ من نومه على زغاريد تعبر المسافة بين نافذته وشرفة حسناء، وعندما نظر من خلف شباكه الموارب، وجد حسناء تجلس بجوار الدكتور على فى شقتها والفرحة ترقص بلدى وتانجو وتملأ أجواء الشقة، ولفت نظره طبق الفاكهة الموضوع على ترابيزة السفرة، فقد كان مملوءً بثمار المانجو بينما ذبلت ثمرته